لقمان الحكيم
اسمه : لقمان بن باعوراء ، ولقمان اسم أعجمي.0
وكان عبدا أسود حبشيا من سودان مصر ، عظيم الشفتين والمنخرين ، قصيرا أفطس مشقق القدمين ، وليس يضره ذلك عند الله عز وجل ؛ لأنه شرفه بالحكمة بقوله تعالى: “ ولقد آتينا لقمان الحكمة.0
وقيل: خير السودان أربعة رجال:1) لقمان بن باعوراء. 2) وبلال بن رباح المؤذن: الذي عذب في الله ما لم يعذبه أحد ، وهو يقول: أحد أحد. 3) والنجاشي : ملك الحبشة. 4) ومهجع: مولى عمر يقال أنه من أهل اليمن ، وهو من المهاجرين الأولين وهو أول من استشهد يوم بدر.0
وأول ما ظهر من حكمته: أنه كان مع مولاه ، فدخل مولاه الخلاء فأطال الجلوس ، فناداه لقمان ، إن طول الجلوس على الحاجة تنجع منه الكبد ، ويورث الباسور ، ويصعد الحرارة إلى الرأس ، فاقعد هوينا وقم. فخرج مولاه وكتب حكمته على باب الخلاء.0
وقيل: كان مولاه يقامر ، وكان على بابه نهر جار ، فلعب يوما بالنرد على أن من قمر صاحبه شرب الماء الذي في النهر كله أو افتدى منه! فقمر سيد لقمان ، فقال له القامر: اشرب ما في النهر وإلا فافتد منه؟ قال فسلني الفداء؟قال: عينيك افقأهما أو جميع ما تملك؟ قال: أمهلني يومي هذا؟ قال لك ذلك.0
قال: فأمسى كئيبا حزينا ، إذ جاءه لقمان وقد حمل حزمة حطب على ظهره فسلم على سيده ثم وضع ما معه ورجع إلى سيده ، وكان سيده إذا راه عبث به فيسمع منه الكلمة الحكيمة فيعجب منه ، فلما جلس إليه قال لسيده: ما لي أراك كئيبا حزينا؟ فأعرض عنه فقال له الثانية مثل ذلك ، فأعرض عنه ثم قال له الثالثة مثل ذلك فأعرض عنه ، فقال له: أخبرني فلعل لك عندي فرجا؟ فقص عليه القصة ، فقال له لقمان: لا تغتم فإن لك عندي فرجا ، قال: وما هو ؟ قال: إذا أتاك الرجل فقال لك: اشرب ما في النهر ، فقل له: اشرب ما بين ضفتي النهر أو المد؟ فإنه سيقول لك اشرب ما بين الضفتين ، فإذا قال لك ذلك فقل له: احبس عني المد حتى اشرب ما بين الضفتين ، فإنه لا يستطيع أن يحبس عنك المد ، وتكون قد خرجت مما ضمنت له. فعرف سيده أنه قد صدق فطابت نفسه ، فأعتقه.0
وهذه بعض من نصائح ومواعظ لقمان لابنه:0(1)
يا بني: إياك والدين ، فإنه ذل النهار ، وهم الليل.0
(2)
يا بني: كان الناس قديما يراؤون بما يفعلون ، فصاروا اليوم يراؤون بما لايفعلون.0
(3)
يا بني: إياك والسؤال فإنه يذهب ماء الحياء من الوجه.0
(4)
يا بني: كذب من قال: إن الشر يطفئ الشر ، فإن كان صادقا فليوقد نارا إلى جنب نار فلينظر هل تطفئ إحداهما الأخرى؟ وإلا فإن الخير يطفئ الشر كما يطفئ الماء النار.0
(5)
يا بني: لا تؤخر التوبة فإن الموت يأتي بغتة.0
(6)
يا بني: إذا كنت في الصلاة فاحفظ قلبك ، وإن كنت على الطعام فاحفظ حلقك ، وإن كنت في بيت الغير فاحفظ بصرك ، وإن كنت بين الناس فاحفظ لسانك.0
(7)
يا بني: احذر الحسد فإنه يفسد الدين ، ويضعف النفس ، ويعقب الندم.0
(
يا بني: أول الغضب جنون ، وآخره ندم.0
(9)
يا بني: الرفق رأس الحكمة.0
(10)
يا بني: إياك وصاحب السوء فإنه كالسيف يحسن منظره ، ويقبح أثره.0
(11)
يا بني: لا تطلب العلم لتباهي به العلماء ، وتماري به السفهاء ، أو ترائي به في المجالس. ولا تدع العلم زهاده فيه ورغبة في الجهالة ، فإذا رأيت قوما يذكرون الله فاجلس معهم ، فإن تك عالما ينفعك علمك وإن تك جاهلا يعلموك. ولعل الله أن يطلع عليهم برحمة فيصيبك بها معهم.0
(12)
يا بني: لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم.0
(13)
يا بني: لا يأكل طعامك إلا الأتقياء ، وشاور في أمرك العلماء.0
(14)
يا بني: لا تمارينّ حكيما ، ولا تجادلنّ لجوجا ، ولا تعشرنّ ظلوما ، ولا تصاحبنّ متهما.0
(15)
يا بني: إني قد ندمت على الكلام ، ولم أندم على السكوت.0
(16)
يا بني: إذا أردت أن تؤاخي رجلا فأغضبه قبل ذلك ، فإن أنصفك عند غضبه وإلا فأحذره.0
(17)
يا بني: من كتم سره كان الخيار بيده.0
(18)
يا بني: لا تكن حلو فتبلع ، ولا مرّا فتلفظ.0
(19)
يا بني: لكل قوم كلب فلا تكن كلب أصحابك ، قاله لابنه يعظه حين سافر.0
(20)
يا بني: مثل المرأة الصالحة مثل التاج على رأس الملك ، ومثل المرأة السوء كمثل الحمل الثقيل على ظهر الشيخ الكبير.